سر إبتسامة نضال عبد العال

pattern
details
منذ 0 ساعات

سر إبتسامة نضال عبد العال

حمزة البشتاوي/ كاتب وإعلامي
من قلب المخيم والانتظار وقوة النبض؛ يتوهّج الألم والأمل في سيرة الشهيد القائد والروائي الأديب البطل نضال عبد العال على شكل ابتسامة كان يهديها لكلّ من يراه، وكعادتهم يرحب الأطفال والصبايا والعجائز والجالسون على أرصفة المقاهي ومصطبات البيوت في المخيم بهذه الابتسامة التي تدخل القلوب كرائحة الحبق، وكأنها حكاية أبدية من الرمل والشجر والحنين للجغرافيا والتاريخ.
لقد كنت ألتقي بالشهيد نضال قبل استشهاده(29 أيلول 2024) إثر غارة صهيونية استهدفته في مدينة بيروت مصادفة، وكان يلقي عليّ السلام ويغادر بعد حديث قصير، من دون أن تغادرني ابتسامته التي أحفظها عن ظهر قلب، وهي تشبه كتابًا مفتوحًا على صفحات من حنين وذاكرة المخيم الحاضر في ابتسامته كأيقونة صبر ورصاص ومفتاح بيت قديم، ما يزال معلقًا على جدار الوقت والتعب والسفر.
ما يجمع ابتسامة نضال عبد العال والمخيم سرّ؛ بعضه معروف؛ لأن المخيم على الرغم من القهر والحرمان لا يحزن طويلًا، ويداوي جراحه بالأغاني والأناشيد وضحكات تقاوم القصف والدمار وعذابات اللجوء، والتي لم تمنع يومًا من أن تشرق ابتسامة نضال في صباحات المخيم، في رسالة لا تُمحى ولا تغيب.
كانت ابتسامته مشعّة بالأمل والحرية والصمود، واختار أن يبتسم على الرغم من الخراب والخذلان كله، وأن يذهب بروحه الجميلة نحو الشهادة؛ كونها انتصارًا ممتدًا من المخيم إلى الوطن.
ابتسامته، اليوم، منثورة في القلوب وفي أزقة وجدران وفضاء المخيم ومستمرة بالحياة والحضور على وجوه تحلم بالعدالة والكرامة والعودة إلى الوطن. وهذا الحلم زرعه نضال بكفاحه وابتسامته التي تكسر الوجع، وتؤكد بأن الوطن لا يباع وأن القائد الحقيقي يستشهد ولا يموت.
بعد مسيرة مكللة بالمواقف الصاخبة والابتسامات الهادئة، نام نضال نومته الأخيرة بعيدًا عن بلدته الغابسية والمخيم، بعد محاولة الاحتلال محو ابتسامته وإسكات الذاكرة في عملية إجرامية غادرة استشهد فيها نضال ورفيقاه عمار عودة وعبد الرحمن عبد العال، فاكتمل حينها حزن المخيم، من دون أن تغيب ابتسامته، وما بناه من أمل، وما زرعه من ثقافة حارسة للفكرة والثورة والحلم.
لقد كان المخيم المدرسة الأولى لنضال، بما فيها من حصص ودروس عن المقاومة والوعي والثبات ووضوح الرؤية والهدف. وهذا ما تعرفه جيدًا البلاد في ابتسامة نضال، وكذلك ضحكات تلاميذ المدارس وأزهار الحدائق وقمر ليالي المخيم الحالمة بنوافذ أكثر وحواجز أقل.
عن سر من أسرار ابتسامته؛ قال رجل مسن في المخيم: "إنّ السر يكمن فيما تركه نضال من وصايا وأفكار للأجيال القادمة، والتي ستحول الهدوء المزيف إلى عاصفة وإعصار، يمتد بروح ثورية عالية من النهر إلى البحر.


المصدر خاص موقع أوراق