يُحاذر نتنياهو منذ الصدمة التي أصيب بها في البيت الأبيض الشهر الماضي، مع إعلان ترامب عن بدء التفاوض مع طهران بدلاً من قصفها، توجيه الانتقاد مباشرة إلى الرئيس الأميركي، ويبوح عن رأيه المكبوت مواربة. ويعزو الفضل علناً إلى العمليات السرية التي نفذتها إسرائيل منذ أكثر من عقد، في تأخير وصول طهران إلى القنبلة النووية. هو يلمح إلى عدم جدوى المفاوضات، إلا إذا أوصلت في نهاية المطاف إلى تدمير البرنامج الإيراني بالكامل. مبعث التساؤلات والشكوك عند نتنياهو، تتجاوز ما بعد ترامب. ويطرح فكرة أنه واثق من قدرة الرئيس الأميركي الحالي على فرض رقابة صارمة على إيران لمنعها من انتهاك أي اتفاق محتمل، لكنه يسأل ماذا بعد أن تنتهي ولايته، ويأتي رئيس آخر، ألن تكون طهران قادرة على التملص من التزاماتها والعودة إلى انتهاك الاتفاق؟ كلام المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف عن احتمال السماح لإيران بنسبة تخصيب محدودة 3.67 في المئة، جعل الصقور المنتقدين لخيار التفاوض مع إيران في الولايات المتحدة وإسرائيل، يُحذّرون من أن ترامب يتجه إلى اتفاق شبيه بذاك الذي وقّعه الرئيس الأسبق باراك أوباما في 2015، وانسحب منه ترامب نفسه في ولايته الأولى عام 2018. السناتور الجمهوري ليندسي غراهام قال إنه يراهن بنسبة “واحد على تريليون” على أن المفاوضات ستفشل، بينما يرى أن الضربة العسكرية مضمونة النجاح “90 في المئة”. ولتبديد هذا الانطباع، صعّدت الإدارة الأميركية مواقفها. في هذا السياق، أعلن ترامب الخميس الماضي زيادة الضغط على إيران بفرض دفعات جديدة من العقوبات التي من شأنها تقويض مبيعات النفط الإيراني، وآخرها التهديد بعقوبات ثانوية على الدول التي تتجرأ على التعامل نفطياً مع طهران. والأكثر وعيداً كان وزير الخارجية ماركو روبيو، الذي تسلم إلى منصبه منصب مستشار الأمن القومي بالوكالة بعد إقالة مايك والتز، إذ قال في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” الأميركية، أن “عليهم (الإيرانيين) أن يبتعدوا عن رعاية الإرهابيين، وعليهم أن يبتعدوا عن مساعدة الحوثيين (في اليمن)، وعليهم أن يبتعدوا عن صنع الصواريخ بعيدة المدى، التي لا يوجد أي غرض لوجودها سوى امتلاك أسلحة نووية، وعليهم أن يبتعدوا عن تخصيب اليورانيوم” بالمطلق. وأضاف شرطاً آخر، وهو أن تقبل طهران إمكان مشاركة الأميركيين في أي نظام تفتيش، ووصولهم إلى جميع المنشآت، حتى العسكرية. يتواقت ذلك مع تصعيد الحملة الجوية الأميركية على الحوثيين في اليمن، وتهديد وزير الدفاع بيت هيغسيث الأربعاء، بأن إيران “ستدفع ثمن المساعدات التي تُقدّمها للحوثيين”. وعلى رغم التوتر الأميركي-الأوروبي حول مسألتي أوكرانيا والتعريفات الجمركية، نجح روبيو في اقناع نظيره الفرنسي جان نويل بارو الذي زار واشنطن قبل يومين، بعدم تلبية طلب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، بلقاء الترويكا الأوروبية، فرنسا وبريطانيا وألمانيا الجمعة الماضي، لإطلاعهم على سير المفاوضات مع أميركا، والبحث في امكان إرجاء طرح آلية إعادة تفعيل العقوبات الأممية على إيران في مجلس الأمن