حمزة البشتاوي: مرسوم الرئيس وأم دلال

pattern
details
25-02-22

حمزة البشتاوي: مرسوم الرئيس وأم دلال

حمزة البشتاوي

منذ انطلاقتها في العام 1965 قدمت الثورة الفلسطينية في مسيرة الصراع مع الاحتلال الآلاف من الشهداء والجرحى من داخل فلسطين والخارج، وأولت منظمة التحرير الفلسطينية أسر الشهداء الرعاية والمخصصات المالية التي يمكن أن تضمن لهم الحد الأدنى من العيش الكريم وذلك عبر مؤسسة رعاية الشهداء التي تأسست في العام 1965، وهي تعمل في مناطق السلطة و في فروع لها بالأردن وسوريا ولبنان ومصر والعراق، وتعاني المؤسسة من إشكالية المرجعية فهي وإن كانت من مؤسسات منظمة التحرير ولكنها تتبع إدارياً و مالياً لمجلس الوزراء في السلطة على الرغم من انفصالها سابقاً عن وزارة الشؤون الاجتماعية ، وهذا الانفصال لم يشمل العاملين بالمؤسسة مما أوجد ازدواجية في التبعية وتضارب في الصلاحيات، وهذه إشكالية كانت قائمة قبل أن يصدر الرئيس أبو مازن مرسوماً يلغي فيه قوانين وأنظمة تتعلق بدفع المؤسسة مخصصات لعوائل الشهداء والأسرى وتتحول هذه المخصصات إلى مجرد مساعدات اجتماعية تقدمها المؤسسة الوطنية الفلسطينية للتمكين الاقتصادي، وهذه الخطوة  اعتبرها الكثيرون رسالة موجهة إلى الإدارة الأمريكية واستجابة واضحة للضغوط الإسرائيلية، يتوقع أن يكون لها تأثير سلبي على عوائل الشهداء وتهدد مكانتهم ورمزيتهم في المجتمع الفلسطيني.

وطالب الكثيرون الرئيس أبو مازن بسحب المرسوم الذي لا ينسجم مع البعد الوطني والكفاحي للقضية الفلسطينية ويمس بشريحة واسعة من أبناء الشعب الفلسطيني الذين قدموا أغلى ما يملكون في مسيرة الثورة، وهذا المرسوم يحولهم إلى  حالات اجتماعية تخضع لمعايير الرعاية والحماية الاجتماعية مع الاحترام الكبير للحالات الاجتماعية الصعبة في المجتمع الفلسطيني بالداخل والشتات.

كما أثار المرسوم الذي يهدد رمزية ومكانة أسر الشهداء في المجتمع الفلسطيني جدلاً واسعاً في الساحة الفلسطينية حيث قال مؤيدو المرسوم بأنه جاء بهدف إعادة هيكلة آلية تقديم المخصصات المالية لأسر الشهداء بطريقة تقلل من الاستهداف المالي والسياسي للسلطة.

بينما اعتبره الكثيرون بأنه يخضع عوائل الشهداء لمساعدات مشروطة وآليات إغاثية تمس بأوضاعهم المادية والمعنوية.

ولكن أكثر الآراء دعت القيادة الفلسطينية إلى توضيح أسباب صدور هذا المرسوم الذي لم يكن موفقاً خاصة على صعيد التوقيت.

وكان لافتاً الآراء المنتقدة لصدور هذا المرسوم كلام رشيدة المغربي شقيقة الشهيدة دلال المغربي في منشور على صفحتها عل الفايسبوك حيث قالت بأنها تحمد الله لأن أمها متوفاة وما كان يهون عليها أن تستلم راتب الشهيدة دلال كإعانة أو مساعدة، وأنها لا تستطيع ذلك مثلها مثل أهالي الشهداء والأسرى.

ويذكر أن الشهيدة دلال المغربي التي حملت البندقية ومثلت النموذج في الكفاح والعطاء والتضحية يبلغ راتب أسرتها 123 دولار شهرياً وهذا ما انتقده قادة فلسطينيون يعتبرون الشهداء هم الأعلى والأغلى في مسيرة مستمرة يجب أن يأخذوا هم أنفسهم فيها قرارات تعينهم على النظر في عيون أبناء الشهداء. ولو كانت أم دلال على قيد الحياة الآن لطالبت بدل عن هذا المرسوم، تحركاً فلسطينياً و عربيا و دوليا للمطالبة بوقف دفع رواتب مجرمي الحرب الصهاينة خاصة منتسبي عصابات الهاجاناه وشيرن والإراغون وقادة و ضباط وجنود الجيش الإسرائيلي مرتكبي جرائم حرب الإبادة الوحشية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، وكذلك اعتبار رواتب الشهداء خطاً أحمر لا يجوز التلاعب به أو الانتقاص منه إضافة للمطالبة بإلغاء المرسوم الذي يمس بشكل مباشر مشاعل الرواية الفلسطينية نحو العودة و التحرير و الاستقلال