في ظل الصمت العربي المريب، أعلنت فنزويلا عن يوم تضامن عالمي مع فلسطين و لبنان تحت شعار «اليوم العالمي للسلام ومناهضة الإرهاب والإبادة الجماعية في فلسطين و لبنان» (السبت الماضي في 12 تشرين الأول)، ليقام في فنزويلا وسفاراتها وبين جالياتها كافة حول العالم. أتى هذا الإعلان بعد أن لجأ عدد من الحكام العرب إلى ارتداء طاقية الإخفاء بشكل طوعي، ولاذوا بالصمت المريب تجاه حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني، ملتزمين بمقولة الفنان محمد عبده «أرجوك ابعد... ابعد... ترى في الجو غيم».
ويصمت بعض العرب بينما تحضر فنزويلا بما يليق بمبادئها الثورية التي تواجه بها كل المؤامرات السياسية والاقتصادية والثقافية التي تهدف إلى إحباط الروح الثورية البوليفارية وضرب الاستقرار الذي أرسى قواعده الزعيم التاريخي هوغو تشافيز.
ورغم المخاطر والتحديات، يواجه الفنزويليون بإرادة قوية فاشيةً جديدة تشبه النازية والصهيونية، تحاول ضرب وحدة البلاد عبر مراكز القوى ووسائل التواصل الاجتماعي للتأثير على الحالة الرسمية والشعبية، وخاصة مواقف الرئيس نيكولاس مادورو، تجاه القضية الفلسطينية ولبنان، وإعلانه بأن بلاده هي في الخط الأمامي للتضامن مع فلسطين ولبنان، وأن بلاده لا يمكن أن تصمت في وجه الظلم والمذبحة المستمرة، ولا يجرؤ أحد في هذا العالم أن يطالبنا بالتخلي عن موقفنا، ولا يمكن أن نقبل بهذه المطالبة، والخطيئة هي مجرد التفكير في التخلي عن فلسطين أو تركها وحدها، مشدداً على دعمه الكامل لفلسطين: اليوم وإلى الأبد لأنها تستحق الدعم الثابت والشجاع. وهذه الروح الثورية مستمدة من أيقونة المناضلين محرر فنزويلا سيمون بوليفار الشخصية العظيمة التي ما زالت ملهمة ومؤثرة في العالم، وكذلك من شخصية الزعيم التاريخي هوغو تشافيز الذي أدخل القضية الفلسطينية - التي يحاول طمسها وإخفاءها بعض الحكام - إلى المدارس والجامعات، وقام بقطع العلاقات مع إسرائيل وسحب سفير بلاده من تل أبيب وطرد جميع العاملين في السفارة الإسرائيلية في فنزويلا وفتح بدلاً منها سفارة فلسطينية، وهذا أحرج رؤساء يتهربون من تحمل أي مسؤولية تجاه وقف العدوان على قطاع غزة مع نجاحهم في تغييب شعوبهم عن ميادين التضامن مع فلسطين و لبنان.
ولكن الوضع في فنزويلا مختلف، حيث يقول الرئيس مادورو إن الرئيس الراحل هوغو تشافيز علّم الفنزويليين أن يحبوا فلسطين ويدعموها وهذا الحب والدعم يزدادان اليوم بمواجهة ما يتعرض له الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية والقدس. والمثير للانتباه أن الرئيس مادورو يتحدث بحماسة عن فلسطين خاصة عندما يظهر بملابس خفيفة وحركات رشيقة وحذاء رياضي ضخم نسبياً، وكان الزعيم الراحل هوغو تشافيز يتألق بزي مميز وحذاء خاص بجنود المظلات، وهو كان في طفولته قد منع من دخول المدرسة الابتدائية بسبب انتعاله حذاءً قديماً مصنوعاً من القماش وهو الحذاء الوحيد الذي كان يملكه، وهذا يذكرنا بحذاء الشهيد عبد العزيز الرنتيسي، قائد حركة حماس في قطاع غزة، الذي اشتراه من «البالة» عند دخوله المرحلة الثانوية، وعندما أراد أخوه السفر لم يكن لديه حذاء فقام بإعطائه حذاءه ولم يشترِ حذاء آخر إلا عندما سافر إلى القاهرة بمنحة لدراسة الطب. وهناك الكثير من القصص التي لم تحجبها طاقية الإخفاء التي قال عنها الشاعر أحمد مطر: «عشرون عاماً والمواطن ما له شغل سوى التصفيق للزعماء عشرون عاماً والمفكر إذا حكى وهبت له طاقية الإخفاء».
وأمّا عن حذاء رئيس فنزويلا، فقد قال الشاعر الحميري:
«حكامنا الأنعام (عفواً) إنها لمفيدة... لكننا لم نستفد من الحكام قبلاً.
حكامنا اللاشيء (عفواً) أنه ما ضرنا اللاشيء لكن ضرنا حكامنا قولاً وفعلاً.
من يشتري مني الملوك جميعاً ويبيعني بدل الملوك حذاء حاكم فنزويلا؟»