حمزة البشتاوي: منذ أن بدأ الحديث عن اليوم التالي للحرب على غزة، أعلنت حركة حماس ومعها كل الفصائل الفلسطينية بأن اليوم التالي هو شأن فلسطيني وطني خالص، وأن كل المحاولات لإيجاد بدائل من صنع الاحتلال سوف تفشل وسط نشر أخبار و تقارير ومعلومات عن مخططات تعمل عليها أجهزة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية بهدف منع وتعطيل أي دور لحماس في إدارة قطاع غزة بعد الحرب على المستوى العسكري والمدني، وتشمل المخططات المطروحة إنشاء قوة عسكرية مشتركة من الولايات المتحدة ودول عربية وأوروبية إضافة إلى قوة فلسطينية محلية تتولى الحكم المدني في بعض مناطق قطاع غزة التي سيتم تقسيمها إلى 24 منطقة من الشمال إلى الجنوب.
وفي سياق هذه المخططات والأفكار تسعى الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية إلى تعويض ما خسرته في ميدان الحرب العسكرية بإشعال حرب داخلية تبدأ بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار وذلك بهدف إعطاء دور لداعش في السيطرة والإدارة على بعض المناطق في قطاع غزة من خلال عناصر سلفية وداعشية صنعتها وزرعتها المخابرات الإسرائيلية داخل غزة، وهذه الصناعة لم تتوقف حتى خلال الحرب التي اندلعت بعد معركة طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول عام 2023 .
وتهدف خطة اعطاء داعش دوراً في اليوم التالي للحرب إلى إعادة تشكيل خارطة قطاع غزة وفق الأجندة الإسرائيلية التي تشمل المزيد من
عمليات تدريب وتجهيز لعناصر سلفية داعشية بعضها يحمل الجنسية الإسرائيلية يتم إعدادها في معسكرات خاصة في الداخل الفلسطيني.
وسوف يضاف إلى هذه العناصر مجموعات سلفية بينها وبين حركة حماس خلافات ثأرية، على أن تقوم لاحقاً هذه المجموعات بالإعلان عن إقامة إمارة لها في رفح بتمويل عربي لا يمنع هذه المجموعات بأن تعمل كما عملت داعش في سوريا والعراق على قتل وذبح المدنيين وتفجير ما تبقى من أسواق ومراكز دينية ومستشفيات، دون المس بجيش الاحتلال بل القيام بالتنسيق معه وفق استراتيجية تعتبر فيها إيران هي العدو الذي يجب مقاتلته ومقاتلة حلفاء إيران من الفلسطينيين والعرب والمسلمين.
وما زالت داعش وأخواتها تحظى بتقدير كبير من قبل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بسبب عدم قيامها بأي عملية ضد الإسرائيليين خاصة خلال الحرب على غزة وهي بذلك أكدت مجدداً على الفائدة المرجوة منها كأداة لتهديد الأمن في سوريا والعراق ولبنان وإيران وأيضاً روسيا حيث كان من اللافت حين وقع هجوم إرهابي بأحد مراكز الترفيه في موسكو اعلان الولايات المتحدة أنها تلقت معلومات استخبارية منذ فترة حول الهجوم الذي تبنته داعش، وهذا يطرح المزيد من الأسئلة حول من يفعل هذا ولماذا.
ويذكر بأن الأجهزة الأمنية الفلسطينية في غزة قد اكتشفت قبل الحرب وجود خلايا تابعة لتنظيم داعش كانت تخطط لضرب مجمع المحاكم وعدد من الوزارات ومنظومات استراتيجية لسلاح المقاومة، واعتقلت حينها الأجهزة الأمنية الفلسطينية عدد من عناصر هذه الخلايا التي تبين أن تجنيدها تم من قبل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية للحصول على معلومات عن فصائل المقاومة وخاصة منظومة الاتصالات والأمن الشخصي لقيادات المقاومة.
وعلى المستوى الأمني والعسكري الإسرائيلي يعتبر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الحالي هرتسي هاليفي الذي كان سابقاً رئيساً لشعبة الاستخبارات العسكرية من أكثر المتحمسين لإعطاء داعش دوراً في اليوم التالي للحرب لأنها على عداء مع كافة الفصائل الفلسطينية وتعمل على شيطنة النضال الوطني الفلسطيني ويمكن أن تنفذ الكثير من المهام ومنها تقديم معلومات عن فصائل المقاومة وتنفذ عمليات اغتيال ضد كوادرها العسكرية وأن تدفع الناس نحو الهجرة عبر الرصيف البحري الذي تم انشاؤه، ولكن مصير هذه المهمات وما يطرح من سيناريوهات حول اليوم التالي للحرب على غزة سوف يكون تحديا إضافياً أمام إرادة وصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته التي عجز جيش الاحتلال الإسرائيلي على كسرها في الحرب .