سمير جبوّر: العدوان الصهيوني ألأخير على جنين يعكس حقائق تاريخية ومعاصرة!

pattern
details
منذ يومين

سمير جبوّر: العدوان الصهيوني ألأخير على جنين يعكس حقائق تاريخية ومعاصرة!

سمير جبوّر

إن الهجوم الوحشي وألإجتياح البربري الذي  شنته حكومة نتنياهو وشلّته العنصرية  لمخيم جنين خلال الأيام الأخيرة، والذي خلف الكثيرين من الشهداء والجرحى وتدمير المنازل والمنشآت والبنى التحتية  في المخيم ، وزرع الرعب في نفوس السكان من شيوخ وأطفال ،انما هو نسخة مكررة لجميع الإجتياحات الوحشية ضد الشعبين  الفلسطيني واللبناني، وألإعتدءات المتكررة على سوريا. ومهما تنوعت  هذه الأعمال العدوانية اسلوبا ونهجا وتوقيتا وموقعا  يبقى لها ثلاثة اهداف رئيسية: 1- القضاء على مقاومة  ألإحتلال على  طول الجبهة الفلسطينية ;2- تثبيت الإحتلال وإفرازاته وإرغام العرب  على التسليم بحقائق الأمر الواقع المتمثلة في انشاء المستعمرات غير الشرعية على الأراضي الفلسطينية المحتلة والمصادرة 3- محاولة تبرير الأعمال الحربية الوحشية بحجة ان لـ”اسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها “، وهي التي تملك الرؤوس النووية وسائر اسلحة الدمار الشامل وتملك ثالث جيش  في العالم،  في حين ان الفلسطينيين العزل الذين يرزحون تحت نير الإحتلال هم من لهم الحق في الدفاع عن انفسهم ضد ممارسات الإحتلال القمعية.

وفي حقيقة ألأمر أن العربدة الصهيونية  والبطش بجنين  امام سمع العالم وبصره  يعكس بعض الحقائق التاريخية  والمعاصرة ألأساسية ،كان صاحب هذه السطور شاهدا عليها كلها  منذ نعومة أظفاره وحتى يومنا هذا.

أولا : منذ قيام الكيان الصهيوني في سنة 1948 وقبلها لم يحدث اي تغيير في طبيعة هذا الكيان وخططه  وممارساته واساليبه ومناوراته .ولم يغير هذا الكيان طبيعته العدوانية المارقة . فقد بدأ كيانا محتلا واستمر يحتل المزيد من ألأراضي الفلسطينية وألعربية  مستخدما القوة العسكرية منذ وقوع النكبة ومرورا بالعدوان الثلاثي وانتهاء بعدوان 1967، وما تلاه من اعمال حربية واجتياحات في الأراضي اللبنانية والسورية .

ثانيا – تنتهج الحركة الصهيونية تطبيق مخطط توسعي ٍوضع اساسه ثيودور هرتسل في سنة 1904 لم تحد عنه على ألإطلاق. فكانت جميع الحروب وألأعمال العدوانية  ومخالفة القرارات الدولية  تسخرها من اجل تحقيق هذه الهدف .ولا نقصد التوسع على حساب الأرض الفلسطينية وحسب ، بل ما تيسر من ألأراضي العربية إما بألإحتلال العسكري جهارا او وسائل اخرى مثل التطبيع  الخانع ستارا.

 

ثالثا – قامت اسرائيل خلافا لقرار التقسيم اللذي صدر عن ألأمم المتحدة رقم 181 (29 /11 /1947، بحجة ان العرب رفضوه . وحتى وإن رفضه العرب لإنه لم يكن منصفا بل كان مجحفا بحق  الفلسطينيين كما هو معروف (أعطى 55% من فلسطين للدولة اليهودية – ألأقليّة )- فاتخذت الجماعات الصهيونية المسلحة  رفض العرب للقرار ذريعة لإحتلال اجزاء من فلسطين تجاوزت حدود التقسيم.وحتى لو ادعت قيادة الهاغاناه ان الذنب يقع على العرب برفضهم التقسيم ، فهل هذا يبرر احتلالهم إراضي فلسطينية خارجة عن التقسيم؟   لماذا لم يكتفوا بما خصص لهم وترك الفلسطينيين يتحملون نتائج رفضهم للقرار؟

رابعا – لجأت الجماعات الصهيونية بقيادة الهاغاناه إلى استخدام وسائل العنف والتدمير (لإكثر من 400 قرية فلسطينية ) وارتكاب عشرات المذابح الرئيسية (دير ياسين والطنطورة وقبية  وغيرها) وتهجير ولإقتلاع  اكثر من 700 ألف فلسطيني (1948).فكانت هذه نية مبيّتة لإحتلال ما تيسّر من فلسطين في ذلك الوقت،والا ماذا كانت الحاجة الى تلك الإستعدادات العسكرية والتسلح بالوسائل القتالية المختلفة؟ .

خامسا – مارست اسرائيل منذ اليوم الأول من تأسيسها سياسة تممييز عنصري تميزت بفرض حكم عسكري جائر على الأقلية العربية التي بقيت في البلاد ، استمر 18 عاما راحت القيادة الإسرائيلية بقيادة بن –غوريون والقيادات اللاحقة  تمنع  بواسطته عودة النازحين الفلسطينيين الذين نزحوا نتيجة لإعمال العنف الى بيوتهم ، وأخذت تصادر الأراضي الفلسطينية ، المتروكة وغير المتروكة لصالح مستعمراتها  ،وتفرض القيود على اي نشاط سياسي يقوم به الفلسطينيون وتنمعهم من تنظيم انفسهم في حركات سياسية تدافع عن حقوقهم . وهذه السياسة العنصرية لم تكن وليدة الساعة  بل تتشبث بها القيادة اليمينية الحالية لأ بل كانت ولا تزال الهدف الرئيسي للقيادة الصهيونية منذ مئة عام .

سادسا- لم يكن تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين خيارا استراتيجيا اسرائيليا في يوم من ألأيام،بل  كان ولا يزال تكتيكا استطاعت بواسطته  ان تخدع الراي العام العالمي ،من اجل افشال جميع مبادرات السلام من دون استثناء ، بل كانت جميع المبادرات التي وافقت عليها اسرائيل مجرد مناورات لإفشالها .إ ذ ان هدف الصهيونية محصورافي تنفيذ مشروعها التوسعي.

سابعا ا- تمسكت القيادات الإسرائيلية بمختلف اتجاهاتها السياسية ومشاربها ألإإيديولوجية بموقفها  الرافض  لحل الدولتين الذي تؤيده معظم دول العالم ،كما  أنها تقاوم حل الدولة الواحدة واضعة امام الشعب الفلسطيني سواء في الداخل او في مناطق القدس والضفة الغربية وغزة ثلاثة  بدائل او خيارات : 1 الرحيل تحت وطأة الإضطهاد  والملاحقة والمصادرة وهدم المنازل; 2- البقاء  كسكان عاديين لا يتمتعون بحقوق المواطنة ; 3- اذا “اخترتم ايها الفلسطينيون  خيار المقاومة سوف نسحقكم ونبطش بكم من دون هوادة وندمر بيوتكم على رؤوسكم” .

ثامنا – تتحول اسرائيل الى دولة عنصرية سافرة  في نظر الراي العام العالمي  ومؤسسات حقوق الإنسان . ووما يعجّل في تبلور هذه الصورة ممارسات وتصريحات بنيامين نتنياهو واعضاء حكومته اليمينيين الفاشيين المتعصّبين  الذين لا يتركون فرصة إلاّ وإلإدلاء بتصريحات تتهدد الفلسطينيين او تحرّض المستوطنين المشحونين بكراهية العرب للإعتداء على القرى والتجمعات العربية .وكلما انتشرت صورة اسرائيل العنصرية ترافقها اعمال المقاومة ضد الإحتلال ، إزدادت   إسرائيل  عزلة وتنديدا على غرار جنوب افريقيا ، ولا سيما في ضوء تطور وتعدد وسائل التواصل الإجتماعي .

تاسعا – ستبقى إسرائيل تعتمد على الدعم الأميركي سلما ام حربا ، واصبح هذا الدعم معطى ثابتا في جميع تحركات اسرائيل العسكرية والسياسية والدبلوماسية . وستبقى بحاجة الى هذا الدعم في مستقبل غامض مرهون بانصياعها الى استراتيجيات ولي نعمتها . وهذا ما يفقدها استقلاليتها ومبرر وجودها .

عاشرا- في ضوء فشل الهجوم ألأخير على جنين  رغم ان الجيش الإسرائيلي استخدم في هذا الهجوم اكثر ألأسلحة تطورا من العربات المصفحة   والمسيّرات والصواريخ والقنّاصين ، إلا انه لم يستطع كسر شوكة المقاومة لا في جنين ولا  في الحروب الماضية .ولا بد الا ان يقود ذلك الى طريق مسدود ،يضع أمام اسرائيل خيارين : مواصلة تنفيذ مخطط الضم  ألإستيطاني التوسعي ببناء المستعمرات ومحاولات فاشلة لحمايتها بالقوة العسكرية ،واستمرار الإنتفاضات ضد الإحتلال ،او ألأنسحاب من المناطق المحتلة والتسليم بحل الدولتين والتمتع بالهدوء والسلام وإلإستقرار.

والخلاصة ، ان نتائج عملية اجتياح جنين وخروج جيش ألإحتلال عاجزا عن الحاق الهزيمة بالمقاومة وغير قادر على تحقيق  الأهداف الإسنراتيجية والسياسية  التي رسمها لذلك العدوان  ، حطمت الكثير من ألأساطير .ولعل ابرز هذه  ألأساطير ان الجيش الصهيوني مجرّد من اية صفة أخلاقية إنسانية إذ لا يتردد في قتل الأطفال والمسنين. وثاني هذه الأساطير ان الدولة الصهيونية ليست دولة ديموقراطية وانما دولة عنصرية تفرق بين مواطنيها . وثالثها ان اسرائيل لا تريد السلام ولا التصالح مع الفلسطينيين وانما تبغي استعمارهم وقهرهم والتخلص منهم ، ورابعها ، ان مسيرة التطبيع ما هي إلا وهم واسطورة ليس ليست لها جذور في الواقع وسوف تسحقها الشعوب ، كما نلاحظ  البدايات في أماكن متعددة.