على خلفية خطاب المرشد الإيراني: حلم الصـهاينة يتجاوز حدود فلسـطين و يشمل كامل المنطقة و شعوبها من طنجة إلى جاكارتا

pattern
details
24-10-08

على خلفية خطاب المرشد الإيراني: حلم الصـهاينة يتجاوز حدود فلسـطين و يشمل كامل المنطقة و شعوبها من طنجة إلى جاكارتا

د. طارق ليساوي

أشرت في مقال” على خلفية  الهجوم الإيراني : توحيد صفوف الأمة واجب الوقت و ضرورة حتمية للنجاة من حلم صهيوني مدمر  ..” إلى أن واجب الوقت يقتضي نصرة كل من قاوم و حارب الاحتلال الصهيوني ، فلا مجال هنا للسياسة و للمهادنة فالخطر جامح و التهديد واضح ، و هنا يحضرني ما قاله  سلطان العلماء العز بن عبد السلام رحمه الله:  (من دخل قرية فشى فيها الربا فخطب فيها عن الزنا فقد خان الله ورسوله )،  فالربا من اكبر الكبائر و الزنا ايضا من أكبر الكبائر ، لكن واجب الوقت و فقه الأولويات يقتضي الحديث عن الربا المتفشية بين الناس ..فالأصل أن الواقع هو من يفرض المواضيع التي سيتحدث بها الداعية أو العالم أو كل من يتصدر للحديث أمام الملأ، والأمر ليس انتقائياً بما تهوى الأنفس وتقتضيه المصلحة الشخصية او مصلحة اولي الأمر و النعمة..

خطاب طائفي مفتعل:

ففي الوقت الذي تسيل فيه دماء المسلمين في غزة و فلسطين و في لبنان دفاعا عن ارض مغتـصبة محتلة و دفاعا عن العرض و الدين ، يخرج من يحدثنا عن “شيعة” و “سنة” و اهل كتاب و عن من تجوز في حقه الرحمة و من لا تجوز عليه الرحمة..فمن منكم يملك مفاتيح الجنة أو النار؟و هذا الخطاب الطائفي غير ذي معنى و خاصة في ظل هجمة صهيو-صليبة شرسة و متوحشة..

خطبة المرشـد الإيراني:

 و قد تابعت خطبة الجمعة للمرشـد الإيراني بالعاصمة ظهران اليوم 04-10-2024، تأبينا لزعيم حزب الله حسن نصر الله الذي اغتالته أيادي الغدر و الإجرام الصهيوني، و الواقع أن الرجل لم يقل  إلا صدقا و موقفه من فلسطين و المسجد الاقصى و المـقـاومة مشرف جدا، فد أشار إلى أن ” كل ضـربة تنزل بالكـيان الغاصب هي خدمة للمنطقة ولكل الإنسانية” و أن “هدف امريكا تحول الكـيان الصهيـوني الى بوابة لتصدير الطاقة من المنطقة الى بلاد الغرب واستيراد البضائع من الغرب للمنطقة.. السلوك السفاح والوقح للكيان ناجم عن تحقيق هذا الهدف”..

موقف مشرف:

و بنظري، أن موقف المرشد الإيراني و موقف  إيران بشكل عام، منذ لحظة إنطلاق طوفان الأقصى موقف مشرف، بل إن  المسلمين الشيعة قد أيدوا ونصروا إخوانهم المجاهدين في أرض فلسطين، و قدموا الغالي و النفيس نصرة لهم، وبذلوا في ذلك أرواحهم وأموالهم وأسلحتهم، في وقت عجز غالبية أهل السنة عن تقديم نفس الدعم و التضحيات ، بل بعض هؤلاء حالف و عاون و دعم الكيان الصهيوني في حربه على غزة و الضفة و لبنان…

واجب شرعي  :

و هذه شهادة حق ينبغي أداءها في هذا الوقت الذي اختلط فيه الحابل بالنابل و الصالح بالطالح  ، و الشهادة واجب شرعي  قال الله تعالى: (وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ) (الطلاق: 2) ومن المحرمات الشرعية: كتمان الشهادة، مع قيام الحاجة إليها. قال الله عز وجل: (وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) (البقرة: 283)، وقال: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (البقرة: 140). و من كمال الإيمان عدم كتمان الشهادة و أداؤها بتمام الصدق والحق، حتى ولو كانت الشهادة ضد النفس أو القريب، أو الصديق ، أو أنها شهادة تخدم الخصم أو العدو: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)(المائدة-8)و قوله تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) (النساء: 135)..

الخضوع المذل للصهاينة:

 و هذه شهادتنا أمام الله و أمام الأمة و من اراد ان يخلع سرواله للصـهاينة فله ما شاء، فذلك قراره و هو حر في نفسه ، لكن لا يحق له ان يفرض على غيره ان ينزل  سرواله ، فموقف إيران و “حلفاءها في المنطقة” ، موقف يحرج كثيرا من حكام و علماء عالمنا العربي المتخاذلين و المتحالفين مع الصهاينة في السر و العلن..و لهؤلاء أقول إخطبوا مثل خطابهم و اتخذوا مواقف سياسية معادية للصهاينة و مناصرة لغزة و فلسطين و لبنان  ،  و الله ثم و الله حتى ترفعكم الشعوب  فوق رؤوسها..

دور المثقف و رجل العلم :

و تعلمنا من  المنجرة و الجابري و مالك بن نبي و سارتر و باقر الصدر و غيرهم من القامات الفكرية أن رجل العلم و المثقف الحقيقي يجد نفسه بين الناس، وليس في أحضان السلطة، و خاصة عندما تكون السلطة تتبنى سياسات تدمر المجتمع و تهدد السلم الإجتماعي ، فدوره هو خدمة تقدم المجتمع و الدولة، دوره الدفاع عن   الحرية والديموقراطية والعدالة والتطور. و التنبيه للمخاطر الانية و المستقبلية ، و ما من خطر أكبر من الجـرائم الصهـيونية في فلسطين و لبنان و  التغلغل الصهـيوني ببلادنا المغرب و باقي البلدان العربية و الإسلامية ..فحلم الصـهاينة يتجاوز حدود فلسـطين و يشمل كامل المنطقة و شعوبها من طنجة إلى جاكارتا..

مشروع دجالي:

ما لا يعلمه الكثير من المتصهينين أن غزة قمة جبل الجليد و بؤرة التدمير و الإبادة الجذربة، و رأس الحربة في مواجهة ومقاومة مشروع دجالي يتم الإعداد له منذ عقود، و المنطقة العربية و الإسلامية بشكل عام  في قلب هذا المشهد الإجرامي  و المغرب ضمن هذا المخطط الأسود ، و لعل  الرفض الشعبي للتطبيع و التغلل الصهيوني بالمغرب ، مؤشر على إدراك المغاربة و القوى الحية لمخاطر الهرولة بإتجاه التطبيع مع كيان سرطاني إجرامي ، و الإختراق الذي حصل في لبنان يدفعنا إلى التأكيد على أن تشبيك العلاقات الاقتصادية و التجارية و الفلاحية و الأمنية مع هذا الكيان في خطره على البلاد و العباد ، فهذا الكيان المجرم لا يمكن أن يأتي منه خير أو نفع و الـأيام بيننا..

مقاومة التطبيع واجب الوقت:

و تبعا لذلك،  لا يسعنا إلا التأكيد على أن دعم المقاومة الفلسطينية و كل من يدور في فلكها و يساندها في معركتها ضد الحلف الصهيو-صليبي ،  ضرورة حتمية لحماية أوطاننا و حماية الإنسانية من مشروع دجالي شيطاني يتم تنفيذه حاليا  بقوة الحديد و النار، و بسياسات الاستحمار و التضبيع  و التشكيك و الإختراق الثقافي و التشكيك في القيم الدينية و الأخلاقية و تغدية الصراعات الطائفية و الإثنية طول الوقت ، و من مقومات المقاومة  دعم المقاومة و نصرتها، و مقاومة  و مناهضة كل جهود التطبيع مع هذا الكيان الغاصب و إدانتها و مقاطعتها بكل الأشكال الممكنة، و لو بالدعاء و الكلمة و ذلك أضعف الإيمان، فالدعاء جند من جنود الله ،والكلمة الصادقة في مثل هذه الظروف أحد من السيف لأننا أمام معركة وعي و فهم و إدراك لحقيقة القضية و أبعادها الدينية و القومية ، فمعركتنا توعية أنفسنا وأبناءنا و زرع حب فلسطين و القدس في قلوبهم، و إعلامهم بأن القدس ستظل عاصمة فلسطين، و فلسطين ستظل أرض عربية إسلامية محتلة من قبل الصهاينة و سيتم تحريرها عندما تخرج الأمة العربية و الإسلامية  من تيهها و غيها، و الأقصى سيظل  أولى القبلتين و ثالث الحرمين ..

وهو ما عبر عنه القرآن الكريم في صورة سنة كونية عامة، فقال:(وتلك الأيام نداولها بين الناس) (آلعمران:140)  و في الختام، تحية إجلال و تقدير لغزة ومقاومتها الباسلة و شعبها الجبار، و الرحمة و المغفرة لشهداء العدوان الصهيوني الغاشم على غزة و الضفة و لبنان  ، و الخزي و العار للمتصهينين العرب ..و الله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون..