د. عبدالمهدي القطامين
فيما تنشغل العاصمة عمان بإستحقاقات التحديث السياسي عبر مناقشة قانوني الأحزاب السياسية والإنتخابات من قبل مجلس النواب وماراثون اللجنة الإقتصادية التي يحتضنها الديوان الملكي في رحلة البحث عن إيجاد حل للتوهان الإقتصادي الذي ألقى بظلاله الثقيلة على معيشة الناس وحياتهم اليومية يبدو ان عمان تتهيأ لتكون محطة حوار بين اطراف الحرب في اليمن هذه الحرب التي بدت منسية تماما من قبل الشرق الغرب معا وكذلك العرب أيضًا الذين انقسموا بين مؤيد للحرب وبين متفرج غير آبه وبين من لا ير ان له فيها ناقة او جمل .
العلاقات الأردنية السعودية التي أصابها الجفاف والبرود بعد حادثة الفتنة الشهيرة يبدو انّ سخونة ما عادت لها هذه الأيام وربما يعود ذلك لوجود سفير سعودي قوي في عمان يحرص على ان يلتقي الاردنيين بشكل دائم ويجس معالم البوصلة السياسية بين عمان والرياض ويحاور ويحلل ويبدو ان هناك رغبة أمريكية أيضًا في إلغاء كافة تبعات قضية الفتنة بما فيهم ابرز ابطالها باسم عوض الله الأمريكي الجنسية والمستشار المقرب من القصر السعودي والقريب أيضًا لصناع القرار في دولة الامارات العربية المتحدة .
يبدو انّ عمان مقبلة على صيف ساخن فيه تتغير العديد من مراكز القوى سواء السياسية او الاقتصادية فالحكومة الاردنية الحالية باتت تقترب اكثر واكثر من نهايتها الحتمية بعد الإنتهاء من التعديلات الخاصة بقانوني الأحزاب والإنتخابات ومجلس النواب يعرف تماما ان بقاءه مستحيل بعد التعديلات وإقرارها ولعل البعض من النواب التقط هذه الاشارات فبدا بوضوح انهم يؤجلون الاقرار سعيا لإطالة عمرهم الافتراضي عبر التغيب عن الجلسات التشريعية وافقاد النصاب في الكثير من الجلسات وهو الامر الذي اشار اليه الملك في لقائه برؤساء اللجان البرلمانية قبل عدة ايام .
من الصعب التكهن بمن سيكون في الدوار الرابع رئيسا للحكومة بعد ان ترحل حكومة الخصاونة ولكن ربما التفت الملك الى اقرب المقربين منه حاليا واعني مدير مكتبه الدكتور جعفر حسان فالرجل غير اشكالي بطبعه وهو من الخبراء الاقتصاديين القلائل الذين يدركون اشكالية الاقتصاد الاردني وله علاقات واسعة مع مختلف المؤسسات الاقتصادية الدولية ثم انه لم يكن ابان اشغاله الوظيفة العامة محسوبا على أي صالون سياسي إضافة إلى أنّ عمله لفترتين مديرا لمكتب الملك جعله اقرب الى آليات صنع القرار السياسي والإقتصادي معا .
على اية حال من المؤكد ان رمضان هذا العام ستكون اجواؤه باردة كمناخ لكنها ستكون ساخنة سياسيا واقتصاديا فرياح الحرب التي تجري في بلاد الصقيع ليست بعيدة عنا بما فيه الكفاية لنسلم من صقيعها ولهيبها القادم حتما على شكل ارتدادات اقتصادية موجعة وربما كان اقرب تعبير لتلك الارتدادات ما قاله الحارث بن عباد …..
لَم أَكُن مِن جُناتِها عَلِمَ اللَهُ
وَإِني لِحَرِّها اليَومَ صالِ
كاتب اردني