قراءة في القوائم الحزبية “الإسرائيلية” إلى انتخابات 2022

pattern
details
22-10-06

قراءة في القوائم الحزبية “الإسرائيلية” إلى انتخابات 2022

المقدمة:
شهدت الساعات الأخيرة تقديم الأحزاب “الإسرائيلية” قوائمها الانتخابية إلى لجنة الانتخابات المركزية، تحضيرًا إلى الذهاب إلى صناديق الاقتراع في الأول من نوفمبر المقبل، وبذلك يمكن الحديث عن اكتمال الخريطة السياسية “الإسرائيلية” التي باتت تتشكل من أربعين قائمة ستتنافس على أصوات الناخبين “الإسرائيليين”، وهي فرصة للحديث عن اختلافات هذه الجولة الانتخابية عن السابقة، لاسيما مع توجه “الإسرائيليين” للإدلاء بأصواتهم للمرة الخامسة خلال أربعة أعوام، تحضيرًا إلى تشكيل الكنيست الخامسة والعشرين. ومع إغلاق موعد تقديم القوائم الانتخابية قبل 47 يومًا من عقدها، يركز هذا التقرير على أبرز الخصائص والسمات والبرامج الانتخابية وتركيبتها الداخلية والتغير عن القوائم السابقة، لاسيما وأن استطلاعات الرأي “الإسرائيلية” لا تعطي 27 قائمة انتخابية فرصة اجتياز نسبة الحسم، مما يعني تركز التنافس بين 13 قائمة انتخابية فقط.

امتاز تقديم القوائم الانتخابية هذه المرة بما أسمتها الصحافة “الإسرائيلية” “دراما” كبيرة؛ بسبب انقسام القائمة المشتركة، ودخول المرشحين العرب في ثلاث قوائم انتخابية منفصلة، فيما شهد المعسكر اليميني نجاح زعيم حزب الليكود المعارض “بنيامين نتنياهو” في توحيد الحزب العصبة اليهودية، أما في تكتل يسار الوسط؛ فلم يكن هناك اتحاد بين حزبي العمل وميرتس.

أبرز القوائم:
يمكن الحديث عن أبرز قوائم مرشحي الأحزاب الرئيسة، وهي على النحو التالي:

الليكود: تظهر القائمة برئاسة “بنيامين نتنياهو” في انتخابات الكنيست المقبلة مختلفة عن انتخابات عام 2021، فبعض كبار قادتها قد طردوا منها، فيما وضع “نتنياهو” عددًا من المنشقين عن حزب البيت اليهودي برئاسة “نفتالي بينيت” في مواقع متقدمة، وكأنها مكافأة لهم بسبب زعزعتهم للائتلاف الحكومي الذي قاده في حينه، خاصة “عميحاي شيكلي” و”عيديت سيلمان”، وكذلك “موشيه سعادة” والصحفي السابق “تساغا مالكو” والمحامي “يوسي فوكس” و”ياريف ليفين”، وقدم الليكود قائمة مكونة من 43 مرشحًا.
“يوجد مستقبل”: ظهر للوهلة الأولى في القائمة المسماة في اللغة العبرية ب”يش عتيد” وجود أربع نساء في المراكز العشرة الأولى، ورغم فشل رئيسها “يائير لابيد”، رئيس الحكومة الانتقالية، في محاولاته توحيد حزبي العمل وميرتس، وإدراج رئيس الأركان السابق “غادي آيزنكوت” في قائمته، فإنه سيحاول تقديم نفسه كزعيم لكتلة يسار الوسط، وهي الكتلة التي يتنافس معه في قيادتها وزير حربه الحالي “بيني غانتس”، ومع ذلك فلم تكن هناك تغييرات جوهرية على رأس القائمة، فالمرشحون الجدد فيها، هم ناشطون مخضرمون في الحزب، وقدم الحزب قائمة مكونة من 36 مرشحًا.
 

قائمة المعسكر الوطني: ينافس الحزب بزعامة “بيني غانتس” في الانتخابات المقبلة بقائمة جديدة، وهي مشكّلة من حزب “أمل جديد” بزعامة “غدعون ساعر”، و”أزرق-أبيض” بزعامة” بيني غانتس”، ورئيس الأركان السابق “غادي آيزنكوت”، الذي دخل المجال السياسي لتوّه، بجانب نائب وزير الأديان “ماتان كاهانا”، ووزيرة التعليم “يفعات شاشا بيتون”، وقدم الحزب قائمة مكونة من 24 مرشحًا.
 

الصهيونية الدينية: تعتبر هذه القائمة ائتلافًا مكونًا من الصهيونية الدينية برئاسة “بيتسلئيل سموتريتش”، والعصبة اليهودية بزعامة “إيتمار بن غفير”، بعد خوضهما العديد من الخلافات، وأسابيع عديدة من المفاوضات والأزمات، لكنهما قررا خوض الانتخابات المقبلة معاً تحت قائمة واحدة، بضغوط من “نتنياهو” الذي التقى الحاخام “تسفي تاو”، أحد قادة الطائفة الأرثوذكسية المتطرفة، وقدم الحزب قائمة مكونة من 20 مرشحًا.
 

حركة شاس: أبقى هذا الحزب الديني تركيبة العشرة الأوائل من قائمته كما كانت في الدورة السابقة، ومن المتوقع أن يعود رئيسه “أرييه درعي” إلى الكنيست بعد أقل من عام من استقالته كجزء من اتفاق الإقرار بالذنب والمخالفات الضريبية، وهكذا فإن قائمتها لم تتغير تقريبًا، وقرر مجلس حكماء التوراة التابع لها الإبقاء على المراكز العشرة الأولى في القائمة، ومنح “درعي” حرية التصرف في المركز الحادي عشر، وقدمت الحركة قائمة مكونة من 10 مرشحين.
 

يهودوت هاتوراة: هي قائمة ائتلاف من “ديغل هاتوراة وأغودات إسرائيل”، حيث اتفقا على حل خلافاتهما، وسيترشحان في قائمة واحدة، وللمرة الثانية يظهر “نتنياهو” في صورة هذا الائتلاف، بعد أن وعد هذين الحزبين المتدينين برفع ميزانية مؤسساتهم التعليمية، رغم أنها لا تدرس القيم الصهيونية، كما هو الحال في مدارس التعليم الحكومي، وفي الوقت ذاته الموافقة على بقائهم خارج نطاق العمل في سوق الاقتصاد، وعدم الانخراط في جيش الاحتلال، وقدم الحزب قائمة مكونة من 10 مرشحين.
 

يسرائيل بيتنو: من الواضح أن وزير المالية الحالي “أفيغدور ليبرمان” قدم قائمته الانتخابية وسط اتهامات له بالطلب من أحد مساعديه تجنيد المافيا؛ لقتل ضابط شرطة مقابل مبلغ مالي كبير، وفي الوقت ذاته توجيهه اتهامات قاسية إلى نتنياهو ووصفه فيها بـ”حثالة البشر”، لكنه سيحاول اكتساب القوة في استطلاعات الرأي، رغم أنها تشير في الآونة الأخيرة إلى تراجعه، لكنه أضاف إلى صفوفه الجنرال “شارون نير”، ومستشار رئيس الأركان، حيث إن القائمة تستهدف الجمهور الروسي، وقدم الحزب قائمة مكونة من 12 مرشحًا.
 

العمل: من الواضح أن رئيس الحزب “ميراف ميخائيلي” ستقوده في الانتخابات المقبلة بقائمة حزبية تحت شعار المساواة بين الجنسين، رغم الضغوط التي يمارسها “لابيد” بشكل أساسي للاتحاد مع حزب “ميرتس اليساري”، لكن العمل قدم قائمة منفصلة، ولم يتحد مع “ميرتس”، ومع ذلك فقد فضلت “ميخائيلي” التقدم بالقائمة بدون جنرالات مثل “عومر بارليف” وزير الأمن الداخلي، و”نحمان شاي” المتحدث العسكري باسم الجيش، وقدم الحزب قائمة مكونة من 10 مرشحين.
 

ميرتس: بعد سنوات من الغياب عن النظام السياسي، هزمت “زهافا غالئون” خصمها الجنرال “يائير غولان” في الانتخابات التمهيدية، وعادت إلى قيادة هذا الحزب الذي تبقى من اليسار الصهيوني، ورغم أن الاتحاد الذي أرادته مع حزب العمل لم يتحقق، لكنها ستحاول الهروب من خطر عدم اجتياز نسبة الحسم، كما تعطيه استطلاعات الرأي، وتأمل في تكرار إنجاز الرئيس السابق ل”ميرتس نيتسان هوروفيتس” الذي حاز على ستة مقاعد، والحزب لا يخفي شعاره المعلن بمنع إقامة حكومة برئاسة “نتنياهو”، وقدم الحزب قائمة مكونة من 10 مرشحين.
 

البيت اليهودي: قامت “أييليت شاكيد” قبل أقل من أسبوع من تقديم القوائم بحل الشراكة مع شريكها “يوعاز هاندل”، وبحثت عن شراكات جديدة، وفي النهاية عادت إلى جذورها اليمينية، حيث البيت اليهودي الذي تركته لصالح تأسيس اليمين الجديد عام 2018، لكنها أعلنت أن هدفها جلب جمهور واسع يميني من الصهيونية الدينية، رغم أن جميع استطلاعات الرأي دأبت على تحذير “شاكيد” من عدم اجتياز نسبة الحسم، وهي نتائج غير مرضية لها على كل الأحوال، ولم تخفي توجهها بأنها ستذهب مع كتلة اليمين، وتزكّي “نتنياهو” إذا نجحت، بل أعربت عن أسفها للانضمام إلى الحكومة الحالية، وقدم الحزب قائمة مكونة من 4 مرشحين.
 

الأحزاب العربية المنفصلة، وهي: الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحركة العربية للتغيير، وحزب التجمع، والحركة الإسلامية الجنوبية.
لم يكن واضحًا حتى اللحظة الأخيرة ما إذا كانت الأطراف العربية الثلاثة ستنضم إلى بعضها البعض، ولكن قبل دقائق من الموعد النهائي لتقديم القوائم، انهارت المفاوضات بينها، وتقدمت الجبهة والحركة بقائمة مشتركة من ستة مرشحين، وتقدم التجمع بستة مرشحين، والحركة الإسلامية بثمانية مرشحين، بقائمتين منفصلتين كلّ على حدة، حتى أن نائب رئيس الكنيست “أحمد الطيبي” أعلن أن “دراما حصلت هنا، أردنا وضعًا مختلفًا، وحفظ القائمة المشتركة، لكن لم يكن ذلك ممكنًا، أنا آسف أننا لسنا ثلاثة معًا”.

أخفقت القوائم في التوصل إلى اتفاقات تجعلها تبادر في التقدم للانتخابات القادمة، لاسيما تقاسم المواقع النيابية في الكنيست، ولم تتفق الأطراف على حلّ وساطة من قبل لجنة المتابعة العربية، حتى أن الحركة الإسلامية الجنوبية التي سجلت سابقة تاريخية كأول حزب عربي ينضم إلى الائتلاف الحكومي “الاسرائيلي”، أعلن رئيسها “منصور عباس” عند تقديم القائمة أننا “ربما نريد أن نكون وزراء، سنتصرف وفق الخيارات السياسية التي ستعرض علينا”.

إلى جانب القوائم الواردة أعلاه، هناك العديد من القوائم والوجوه غير المألوفة، لاسيما الأحزاب الصغيرة والجديدة أيضًا، ولا تتوقع الاستطلاعات الأخيرة أن تمررها نسبة الحسم في الانتخابات المقبلة، لكنها قدمت قوائمها للكنيست في محاولة لانتخابها رغم التوقعات السلبية لها، ومن أهمها: الحرية الاقتصادية، شبان يحترقون، “إسرائيل” حرة وديمقراطية، هناك اتجاه، مفترق طرق، أريد أن أكون هناك، المستقلون الجدد، فجر القوة الاجتماعية، المسار، القيادة الاجتماعية، الكتلة التوراتية، القلب اليهودي، كرامة الإنسان، عهد قبيلة إبراهيم.

الأوزان الانتخابية:
أجرت القناتان 12 و13 “الإسرائيليتان” فور تقديم القوائم الانتخابية لأسمائها إلى لجنة الانتخابات المركزية، استطلاعان للرأي بين “الإسرائيليين”، وقد تقاربت النتائج التي تحدثت عن فشل معسكر اليمين الذي يقوده “نتنياهو”، ومعسكر أحزاب الائتلاف الحالي برئاسة “لابيد”، في تحصيل أغلبية تمكنه من تشكيل حكومة مستقرة.

وفقًا لتلك الاستطلاعات وبلغة الأرقام، فإن معسكر “نتنياهو”، ، سيحصل على 59 مقعدًا في الانتخابات المقبلة، في حين ستحصل أحزاب الائتلاف الحالي على 56 مقعدًا، فيما ستحصل القائمة المشتركة على 5 مقاعد، وبحسب نتائج العديد من تلك الاستطلاعات، سيتصدر حزب الليكود نتائج الانتخابات بحصوله على 31 مقعدًا، فيما سيحصل حزب “يوجد مستقبل” على 24 مقعدا، وستحل قائمة “الصهيونية الدينية” في المركز الثالث بواقع 13 مقعدًا، وسيحصل تحالف “المعسكر الوطني” على 12 مقعدًا، فيما يحافظ الحريديون على تمثيلهم بواقع 8 مقاعد لـ”شاس” و7 لـ”يهدوت هتوراة”، كما بيّنت هذه الاستطلاعات حصول حزب “يسرائيل بيتينو” على 6 مقاعد، في حين سيحصل حزبا “العمل وميرتس” على 5 مقاعد لكل منهما، فيما ستحصل القائمة الموحدة على 4 مقاعد، وستفشل قائمة “البيت اليهودي” في عبور نسبة الحسم.

أمّا فيما يتعلق بالشخصية الأنسب لرئاسة الحكومة؛ فقد أظهرت الاستطلاعات تغلّب “نتنياهو” على أبرز منافسيه، لاسيما “لابيد” و”غانتس”، إذ حصل “نتنياهو” على دعم 46% من الآراء، مقابل 29% “للابيد”؛ وفي المقارنة مع “غانتس” يحصل على 26% مقابل حصول نتنياهو على 46%.

البرامج السياسية:
غاب الموضوع السياسي عن  السجالات الانتخابية “الإسرائيلية”، التي لم تجد طريقها بعد في برامج انتخابية مطبوعة، بانتظار اقتراب العدّ التنازلي لإجراء الانتخابات، وركزت هذه السجالات على القضايا “الإسرائيلية” الداخلية، مثل الاقتصاد، وعلاقة الدين بالدولة، وكورونا، مع العلم أنه غالبًا ما تكون القضايا السياسية والأمنية في قلب الحملات الانتخابية “الإسرائيلية”، باستثناء الجولات الانتخابية الأربعة السابقة التي طغت فيها الخلافات الداخلية على حساب الحديث عن التهديدات الخارجية.

على الصعيد الفلسطيني، تزامن الاستعداد “الإسرائيلي” للانتخابات مع تزايد الاقتحامات الصهيونية للمسجد الأقصى، وللغرابة فقد أظهرت الأحزاب العلمانية واليسارية تساهلًا في هذه الاقتحامات بزعم أن لليهود حقاً مزعومًا فيه، والحديث عن ضرورة بقائه تحت السيادة “الإسرائيلية” المزعومة، رغم أن الأحزاب العربية اعتبرت أن “إسرائيل” قوة محتلة في شرقي القدس، بما فيها المقدسات، وعارضت الإضرار بالمسجد الأقصى والمشاعر المقدسة لجميع الأديان، فيما توافقت الأحزاب “الإسرائيلية” على زيادة تكثيف القبضة الحديدية ضد الفلسطينيين للرد على عمليات المقاومة المتصاعدة في الشهور الأخيرة.

يلاحظ عند النظر في مسألة العدوان المستمرعلى الفلسطينيين بين حين وآخر، خاصة في غزة؛ توجه مختلف الأوساط السياسية والحزبية “الإسرائيلية” إشادتها بأداء الجيش من الناحية العسكرية، لكنها في الوقت ذاته، لا تتردد في الاعتراف بأن المستوى السياسي أخفق في ترجمة ما تدّعيه تفوقًا عسكريًّا إلى نصر في الحرب، والنتيجة المباشرة أن الاحتلال ما زال عاجزًا عن كبح جماح المقاومة، وما تشكله من تهديد لعمق “الدولة”.

ظهر تباين حزبي “إسرائيلي” في هذا الملف بالذات، لا تخطئه العين بين فريق يرى استخدام القوة، والقوة فقط، ويمثلهم معسكر اليمين، الذي يتهم السلطة الفلسطينية بالتواطؤ في تصاعد مسيرة المقاومة، لأنها لا تستخدم مزيدًا من نفوذها ضد المسلحين، وفريق آخر يقوده المعسكر الوطني وحزب العمل وميرتس، يضاف إليهم المؤسستان الأمنية والعسكرية، ويرون جميعاً السلطة الفلسطينية شريكًا ل”إسرائيل” في مواجهة هذه العمليات، ويدعون إلى مزيد من التنسيق الأمني.

توافقت المواقف الحزبية “الإسرائيلية” -بالحديث عن التهديدات الأمنية التي تواجه “إسرائيل”، وكيفية العمل للقضاء عليها- حول اعتبار إيران أكبر تهديد أمني، لأنها تدير محورًا مناهضًا للاحتلال، من البرنامج النووي، ومحاولات تشكيل جبهة في سوريا، ودعم المنظمات في غزة، ومحاولات الإضرار بالمصالح “الإسرائيلية” حول العالم، إلى تهديد حزب الله من الشمال، وهناك قوى سياسية “إسرائيلية” أخرى، لا تتصدر المشهد الحزبي “الإسرائيلي”، ترى أن الخطر الوجودي الأخطر ل”إسرائيل” هو استمرار سيطرتها على الفلسطينيين، فعندما يكون عدد متساوٍ من اليهود والفلسطينيين تحت سيطرتها المباشرة، سيتعين عليها الاختيار بين أن تكون دولة يهودية أو ديمقراطية، وأي قرار كهذا هو نهاية الرؤية الصهيونية، والطريقة الصحيحة لإنهاء هذا التهديد هي الاتفاق مع الفلسطينيين، وتعديلات حدودية وتبادل للأراضي، وترتيبات أمنية تضمن أمن “إسرائيل”.

تكمن الخلاصة في أنه مع انطلاق العملية الانتخابية “الإسرائيلية”، تحضيرًا للجولة الخامسة المبكرة في نوفمبر، لم يأخذ الموضوع الفلسطيني حيزًا لافتًا في برامج الأحزاب المتنافسة، مع اقترابها من فرضية “ترحيل” التعامل معه، والعمل بمنطق “إدارة الصراع، وليس حلّه”، لمصلحة الحديث في قضايا داخلية: اقتصادية واجتماعية ومعيشية، مع العلم أن الانتخابات الأربعة السابقة منذ عام ،2019 شهدت تقاربًا ملحوظًا في المواقف الحزبية من الموضوع الفلسطيني، مع بعض الاختلافات الجزئية هنا وهناك، وربما عاد هذا التقارب لعدد من الأسباب، فلسطينية و”إسرائيلية”، أهمها وجود حالة من التفاهمات “الإسرائيلية” الضمنية حول القضايا الأكثر إشكالًا وجدلًا مع الفلسطينيين، لا سيما فيما يتعلق بالحدود الدائمة والكتل الاستيطانية والقدس واللاجئين.

الخاتمة:
من الواضح أننا أمام جولة انتخابية مصيرية وحاسمة، في ضوء شدة الاستقطاب السياسي والحزبي “الإسرائيلي”، رغم أن القراءات الحزبية والتقديرات الانتخابية لا تعطي لأي معسكر منافس القدرة الحاسمة على تشكيل حكومة مستقرة، مما يعني أن “الإسرائيليين” قد يكونون أمام حالة من عدم الاستقرار الحزبي، والتحضير لانتخابات سادسة قد تكون في الأفق، وصحيح أن المؤسسة “الإسرائيلية” قد تدفع باتجاه استقرار الخارطة السياسية والحزبية، لكن تداخل العديد من العوامل الداخلية “الإسرائيلية”، والخارجية الإقليمية والدولية، قد تعيد إرباك المشهد الانتخابي “الإسرائيلي”، على غير رغبات المرشحين المتنافسين، الأمر الذي يفسح المجال قبيل ذهاب “الإسرائيليين” إلى صناديق الاقتراع إلى وضع جملة سيناريوهات متوقعة، وحينها تكون الصورة الانتخابية الحزبية أكثر وضوحًا.